الخميس، 8 أكتوبر 2009

من سيرة الذي مضى (1)


(1)
القرن الخامس الميلادي ،و أوروبا تبدأ هناك عصراً تضطرب فيه النفوس قبل الأفكار ، وتسقط فيه حضارة الرومان العظيمة أمام ضربات قبائل الجرمان لتتهيأ ساحة العالم لاستقبال قرون طويلة من الارتباك والتململ والتشكل نحو هيئة لن تتضح معالمها إلا مع بدايات القرن الحادي عشر ، هذا كان يحدث هناك ، ولكن أي شئ كان يحدث في جزيرة العرب ؟
(2)
لم تكن هناك مؤتمرات قمة ولا معاهدات سلام ولا بيانات استنكار ولا قراصنة صوماليون يحدثون المزيد من الجلبة كل يوم ، كل ما هنالك كانت أفكار متمردة تدور ببال رجل اسمه ( قصي بن كلاب ) يسكن جسده الشام وتقيم كل جوارحه في مكة.
(3)
إن قصي بن كلاب يطرح سؤالاً ظاهره السخط وباطنه نزعة تتحيز للقبيلة وتنحاز للاستئثار بأم القرى على حساب قبيلتي خزاعة وبني بكر ، ويعمل ليل نهار في سبيل تحقيق هدفه .
(4)
انه يبذر أفكار تمرده في رؤوس رجال قريش وبني كنانة ويقودهم بعد ذلك إلى مواجهة خزاعة في موقعة فاصلة عام 440 م ، ينتصر فيها ، وينهي بها وجود من كان يراهم غرباء عن مكة ، لكنه يبدأ بانتصاره هذا فصلاً جديداً لم يكن يخطر له على بال .
(5)
ينتصر قصي ويستتب له الأمر ، وينجب أربعة أولاد هم ، عبد الدار ، وعبد العزى ، وعبد قصي ، وعبد مناف ، إن عصراً جديداً من النور والظلام ، والأبيض والأسود يبدأ الآن .
(6)
ينشغل الثلاثة بالتجارة فيما يتفرغ عبد الدار بأمر من والده لشؤون سقاية الحجيج وخدمتهم ، وهي وظيفة شبه مقدسة تجعل من صاحبها مالكاً لسلطة أدبية لا يضاهيها المال ، لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد .
(7)
يندلع فجأة صراع متكافئ بين اثنين من أبناء عبد الدار ، هما " هاشم " و " عبد شمس " ، وقاد هذا الصراع قطبان سيذكر التاريخ أحفادهما بالكثير من الاهتمام ، إننا سنقرأ ونكتب إلى يمل حبر الأقلام عن هاشم وعن أمية بن عبد شمس ، فالمسرح أصبح الآن مهيأً لمعركة ساحتها الأرض ومداها التاريخ كله بين بني أمية وبني هاشم ، أرأيتم كيف يبدأ تاريخ أمة بأسرها بمجرد اختلاف بين وجهتي نظر؟
(8)
إن هذا الخلاف بالذات سينتج بعد فترة ليست بالبعيدة شخصيةً مثيرة للجدل كان اسمها " أبو الحكم بن هشام "وكان اسمها كذلك "أبو جهل " كنموذج لنجاح جهاز اعلامي خصص لأغراض الحرب من أجل عقيدة ودين جديدين ، فكيف كانت نهاية الصراع بين هاشم وعبد شمس ؟! وهل يحق لنا أن نتساءل عن الكيفية التي انتهى بها ما دام لم ينته بعد حتى هذه قراءتكم لهذه السطور ؟

هناك 6 تعليقات:

  1. لم يهنأ هاشم بمأدبته طويلا ..
    انتقل الصراع الى جوفه ..
    لقد أكل امية حيّا !


    اسلمت يا صدّيق .

    ردحذف
  2. لم يكد يهنأ بمأدبته حتى انتقل الصراع الى جوفه ..

    لقد أكل هاشم أمية حيا !


    اسلمت يا صديق .

    ردحذف
  3. الأستاذ / الصديق
    كم شعرت بالسعادة وانا أتجول في مدونتك الجميلة ..
    وكم شعرت بالاسى لأنك لم تواصل تحديثها ..
    نحن في إنتظار جديدك يا( بو محمد ) فلا تخذلنا .

    عبدالحفيظ أبوغرارة

    ردحذف
  4. أرأيتم كيف يبدأ تاريخ أمة بأسرها بمجرد اختلاف بين وجهتي نظر؟

    جميلا أن نتابع جديدك أيها القاص الرائع من خلاال زخات هذة الكلمات
    مدونة رائعة ..مزيداً من الابداع
    ولك كل الود والتقدير

    ردحذف
  5. الأستاذ / الصديق بودوارة

    سعدت جداً بزيارتي لمدونتك الجميلة والتي تجمع فيها ما بين يديك خيوط التاريخ والادب في مزج رائع وفريد.
    في إنتظار المزيد من روائعك على أحر من جمر فلا تجعل إنتظارنا يطول .

    عبدالحفيظ أبوغرارة

    ردحذف
  6. أنتم تنتمون لي ، وأنا قطعة منكم ، ومعاً نصنع ما لا تبهت ألوانه مهما مرت السنون . لكم مودتي بلا حساب.

    ردحذف